كلما حان موعد زيارة الطبيب، يأخذ الطفل في البكاء والصريخ، رافضاً الذهاب الى العيادة. وقد تستغرب الأم
تصرف ولدها، ولا تجد تفسيراً له. ولكنها لو عرفت السبب لبطل العجب. فالصغير يرتعد خوفاً من زيارة
الطبيب لأنها (الأم) زرعت الخوف فيه، اذ كانت كلما مارس بعض التصرفات المزعجة تقول له: أوقف شقاوتك
وإلا ناديت على الطبيب ليعطيك الإبرة (الحقنة). ومثل هذا التهديد يثير الخوف لدى الصغار ويبقى ذكر
الطبيب مزعجاً حتى عندما يكبر وهذا لا يعني ان الطفل يجب ألاّ يخاف، فالخوف أمر عادي وشعور داخلي
بهدف ضغط الذات، والتزام جانب الحذر ودرء الخطر. ولكنه يجب أن يكون في حدود المعقول والمقبول. أما اذا
وصل الى الهلع والفزع فيتحول الى كابوس حقيقي يشل ارادة الطفل ويحد من قدراته ويؤثر في توازنه.
والطفل يشعر بالخوف منذ الأشهر الأولى للولادة، وفي كل مرحلة عمرية جديدة تزداد مخاوفه وتتنوع، والطفل
الطبيعي قادر بفضل أساليبه ومهاراته الشخصية أن يكتسب الخبرة التي تمكنه من التغلب على مخاوفه. وفي
شكل عام يمكن القول ان الخوف من الطبيب يبدأ باكراً عند الكثير من الأطفال، أي مع بداية النطق والحركة،
وهذا الخوف مكتسب لأن الأم تلوّح لابنها، باستمرار، بعبارة: «سأنادي لك الطبيب ليعطيك الابرة» بهدف
تخويفه وإرهابه وفرض الطاعة عليه، إلا أن هذا التصرف خطأ من أساسه، لأنه يترك عند الطفل آثاراً سلبية قد
يصعب التخلص منها. وطبعاً ليست الأم المصدر الوحيد لخوف طفلها من الطبيب، فقد تكون الخبرات السابقة
المؤلمة في العيادة أو المستشفى سبباً في اثارة جزوة الخوف عند الطفل.
فما العمل لتبديد خوف الطفل من الطبيب؟
على الأم أن تمتنع عن: تخويف الطفل من الطبيب، وإظهار خوفها من زيارة الطبيب، وأخذ الطفل الى
المستشفى فجأة من دون علمه مسبقاً.
فالأم هي مصدر المعلومات الرئيس لطفلها، ولهذا يقع على عاتقها «شحن» مخه الصغير بكل ما هو ايجابي من
أجل تبديد الخوف وزرع الطمأنينة في نفسه. وحبذا لو لعبت الأم دور الطبيب مع طفلها، لتشرح له ما قد ينتظره
في العيادة أو المستشفى. وفي امكانها أن تستعين ببعض الكتب المصوّرة لتقوم وطفلها بتصفحها معاً، فمثل هذه ا
الوسائل من شأنها أن تجيب عن استفسارات لا يعرف الطفل كيف يسأل عنها، وهي بالتالي شبح الخوف.
وعلى الأم أن تعدّ طفلها قبل زيارة الطبيب، ليكون على بيّنة مما ينتظره في العيادة، مثل خلع الملابس وقياس
الطول والوزن واستعمال السماعة الطبيبة وميزان الحرارة وفحص الفم والأذن... الخ. والأهم من هذا كله على
الأم أن تروي الأمور بأسلوب هادئ بعيداً من الكذب لأن الطفل يحب معرفة الحقيقة كما هي
م ن ق و ل